والخوارج ثلاث فرق -أي الغلاة- وهي حسب شدة غلوها على هذا الترتيب: الأزارقة، ثم النجدات، ثم الإباضية، وإلا ففرق الخوارج كثيرة، لكن هذه الفرق الغالية جداً.
وأشهر فرقهم الأزارقة، وسموا أزارقة نسبة إلى نافع بن الأزرق وهو مذكور في كتب التفسير في سؤالاته لحبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما، وأهم عقائد الأزارقة أن كل المسلمين كفار إلا من كان معهم؛ حتى (القعدة ) -كما يسمونهم- كفار في عقيدة الأزارقة، وهم: من كانوا على عقيدتهـم ولكنهم قعدوا ولم يلتحقوا بهم؛ فهم عندهم كفار، وهذه أكبر وأعلى درجة يمكن أن تُتصوَّر في الغلو، إذ كيف يعقل أن توجد فرقة أو طائفة تكفر كل من عداها من المسلمين -نسأل الله العفو والعافية- والمجتمع الإسلامي في نظر الأزارقة هو فقط ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة، ثم ما كان في أيام أبي بكر وعمر، ثم ينتقل إلى نافع بن الأزرق وطائفته التي كانت طائفة محدودة في وسط الجزيرة العربية وشرقها فقط -هذا هو كلامهم- ومن عداهم ارتدوا وكفروا حتى من كان على عقيدتهم ولكنه لم يلتحق بهم، ولا يوجد عندهم شيء اسمه (تقية)، فهؤلاء القعدة وإن ادعوا أنهم قعدوا تقية فهم كفار -نسأل الله العفو والعافية- وهذ خلاصة معتقد الأزارقة .
الفرقة الثانية: النجدات : نسبة إلى نجدة بن عامر الحنفي زعيم النجدات، كان من أتباع نافع فتركه وانفصل عنه -وهكذا الفرقة دائماً- وهو أقل غلواً من الأزارقة، فقال: من لم يكن على عقيدة الخوارج فهو كافر سواء التحق بهم أو لم يلتحق بهم، ومن كان على عقيدتهم ولم يلتحق بهم فهذا يعتبر آثماً ومقصراً لكنه لا يكفر، وهذا هو الأمر الذي كان فيه أقل غلواً مقارنة بـالأزارقة، إذ كان الاعتبار عند نافع التبعية، فمن اتبعه ووالاه فهو المسلم، أما نجدة فجعل الاعتبار المعتقد، فمن اعتقد العقيدة التي هو عليها فهو عنده مؤمن، لكنه لا يجعل من اتبعه وناصره وحارب معه مثل من كان على عقيدته وهو قاعد، فـالقعدة مقصرون وآثمون في معتقده، لكنه لا يخرجهم من الدين.
الفرقة الثالثة: الإباضية : نسبة إلى عبد الله بن إباض، وخلاصة عقيدتهم: تكفير الحاكم وعسكره فقط، وهم عندما يتكلمون على السلطان لا يعنون سلطانهم هم، بل يعنون خلفاء بني أمية، وخلفاء الدولة العباسية؛ فضيقوا دائرة الكفر، فالكافر عندهم هو السلطان وعسكره، ومن والاه، وأما البقية فهم في كفر لكنه ليس بالأكبر، وإنما كفر دون كفر، والمؤمن من وافق الإباضية وكان على دينهم، وهذه الفرقة هي التي بقيت باسمها إلى عصرنا الحاضر، ويوجدون في عمان، وهم ما يقارب (50 %) من السكان، وهذا أقوى وأشهر مكان لهم، ولهم تواجد في ليبيا والجزائر، وفي تنزانيا، وفي كينيا كان لهم وجود قليل جداً، فهذه أماكن تواجدهم.
والإباضية الموجودون في العالم اليوم عندهم قضية من قضايا العقيدة يجعلونها محل المفاصلة والموالاة والمعاداة، ويكفرون من خالفهم فيها مع أنها إحدى جزئيات العقيدة، لكنها -في نظرهم- أهم شيء، وهي نفي رؤية الله تعالى.